أعلن معناprivacyDMCAالبثوث المباشرة

“مشاهير” أم “مجاهيل”

“مشاهير” أم “مجاهيل”

▪︎ واتس المملكة

.



“مشاهير” أم “مجاهيل”

محمد بن دوسري*

لا أعتقد أنني سأجد التصفيق الحار على ما سأكتبه، ولن تصلني عبارات التأييد التي يجدها بعض كتاب الرأي عندما يناقشون موضوعاً اجتماعياً يهم السواد الأعظم من الناس، لكنني أجزم أن النسبة الأكبر من القراء سيوافقوني الرأي، أما أولئك الذي أكتب عنهم، فستومئُ لي أعينهم خلسة، مؤيدين لرأيي وإن كانوا لن يصرحوا برأيهم، إما لغوايتهم نحو فعله، أو لعدم رغبتهم على التصريح بتأييدهم وهم يناقضونه فعلاً وعملاً، وستغلب أفعالهم على قناعاتهم للأسف، وسيتوقف تفاعله مع ما قرأه فور انتهائه من القراءة، هذا إن كان أكمل قراءة المقال حتى النهاية.

لقد عشنا ولا زلنا نعيش حرباً باردة استطاع خلالها “المجاهيل” اكتساح “المشاهير”، وقرروا استغلال الاسم وتغيير الفعل، فكانت النتيجة وخيمة، بعد أن استنزف “المجاهيل” المبادئ والقيم والأخلاق، ونادوا بأنفسهم “قدواتٌ” لمستقبلٍ مظلم.

للأسف.. فإنه لم يعُد للخارج عن المألوف أماكن مخصصة تستر أصحابه وتُخفي التصرفات التي تعكس ضحالة الفكر، وانحدار الأخلاق، وسوء الأدب، وما نراه يومياً، بل في كل دقيقة على مواقع التواصل الاجتماعي وبخاصة الـ”سناب شات” والـ “تيك تك” يجعلنا نضع أيدينا على أعيننا تارة، وعلى رؤوسنا تارة أخرى، فما نراه يثير الغيرة والحسّ الإنساني في دواخلنا، ويثير التعجّب والاستغراب، بل الحزن والأسى أكثر من ذلك.

قبل عقدين من الزمن كنّ بعض المثقفات يكتبن مقالاتهن وأشعارهن تحت أسماءٍ مستعارة خشية العادات والتقاليد التي قيّدت المجتمع آنذاك، وكنا نقول متى تذبلُ وتتلاشى تلك الأفكار وتتغير تلك العادات، وشيئاً فشيئاً تغير كل شيء، وانفكت القيود، وانفلتت القيم، وانحدرت الأخلاق، وأصبحن أصحاب الأسماء المستعارة لا أحد يراهن، حتى وهنّ يظهرن أمام أسمائهن الصريحة التي تحملُ معها العلم والأدب والثقافة والاحترام، بعد أن اكتسح الساحة وجوهاً نكرة، بأسماءٍ صريحة، لا تحملُ فكراً، ولا تربية، ولا حتى أخلاقاً ولا اعتباراً لأي قيم.!

عندما تستعرض أحد تلك البرامج تظهر لك طفلة لم تتجاوز الخامسة عشرة تحاور وتناقش شباباً وفتيات بل وحتى كباراً في السن، في تفاهاتٍ لا تهم حياتها، ولا حتى مستقبلها، وبحركة بسيطة من إصبعك، تظهر لك خمسينية تضع “الكمام” على جزءٍ من وجهها وقد لطّخت ما تبقى منه بألوانٍ متعددة لم تكفِ عن استخدام الفلاتر ومحسنات الصورة، وتُطل وهي أيضاً بلا محتوى يذكر، وليس لديها سوى مناكفة المتابعين وتبادل السباب والشتائم، أو ممارسة الرقص وسماع الشيلات التي هَوَتْ بكل الفنون.

وبالمقابل يُطلُّ عليك شبابٌ في عمر الزهور ورجالٌ وشيوخٌ أيضاً، ليس لديهم أي شيْ سوى الظهور من أول الليل حتى ساعات النهار الأولى، ثم يخلدون للنوم حتى المساء، ويتحجج الشباب بعدم وجود فرصٍ وظيفية وأنهم يشغلون أنفسهم بالظهور من خلال البث المباشر على تلك البرامج، وكأنهم ينتظرون تلك الوظائف تأتي لتوقظهم وتأخذ بأيديهم إلى مستقبلهم الذي لم يفكروا به حتى الآن.

ولو سألنا.. ما الذي جعل تلك الوجوه التي ظهرت بلا محتوى، أو فكرٍ ناضج، تدافع عن تفاهاتها بكل ثقة، وتتحدى بكل قوه، وتنطلق دون أن تلتفت لأي اعتبارٍ لـ “الدين” أو “التربية” أو “الأخلاق” أو “الحياء”؟!!، في اعتقادي أن السبب الرئيسي يندرج تحت ثلاثة أمور مرتبطة ببعضها البعض، يأتي في مقدمتها:
ـ سوء التربية: وذلك بانعدام التوجيه الذي يعمق الثقة بين الأبناء ووالديهم، والملاحظة والمتابعة لمدى التزام الأبناء لتوجيهات أهلهم داخل المنزل وخارجه، والقدوة التي تبدأ من المنزل بالطبع، والعقاب الذي يندرج ضمن الواجب التربوي للوالدين.
ـ وقلّة الوعي والثقافة: فلو أدرك أي شخصٍ ممن يظهرون خلف كاميرات الهواتف المتنقلة رجلاً أو امرأة إلى أنه سيكون مكاناً للتّندُر والسخرية، وإلى أنه لن يحقق نجاحاً يعود عليه وعلى مستقبله مما يقوم به، وإلى أنه يضيّعُ وقته وفكره وجهده فيما لا فائدة منه، وأن السرور والارتياح التي يشعر بهما خلال تلك اللحظات وقتيّة ستختفي وفوائدها ـ إن وجدت ـ خلال فترة وجيزة ويبقى خلفها الأسى والندم.
ـ والفراغ: وهذا سبب للكثير من المشاكل في حياتنا على اختلاف الأعمار، وعلى الرغم من أنها حجّة “الضعفاء” و “البلداء” مع احترامي للجميع، إلا أن البعض جعلها شمّاعة يعلق عليها سوء استثمار وقته فيما ينفعه.

هؤلاء “المجاهيل” يعتقدون ـ خطاً ـ أن الشّهرة تستدعي الانسلاخ من المبادئ والقيم وعدم احترام ذائقة المتلقي، وقبل ذلك احترام ذواتهم، وفي الواقع نرى عدداً من “المشاهير” من الجنسين، نجحوا في الظهور، ونجحوا في تقديم محتوى لائق، ونجحوا في استقطاب المتابعين لهم، بعيداً عن ابتذال أنفسهم، ملتزمين باحترام من حولهم، وهنا يتضح بأن الخلل ليس في الهدف، بل في طريقة الوصول إليه.

وهنا يتأكد لنا أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأن ترك الحبل على الغارب نتائجه وخيمة، وأن المشوار طويل أمام أولئك “المجاهيل” حتى يستشعروا أنهم على الطريق الخطأ، وسيكتشفون ذلك متأخرين، في الوقت الذي لن يستطيعوا فيه تصحيح مسارهم، فقد خسروا “غالباً” الزمن والسمعة وشيئاً من المستقبل.

تغريده: مالا يدركه مشاهير “الهبّات” أن تلك الشهرة وقتيّة، ستمر كشمس نهار، وسيفاجئوا بأنفسهم في ليلٍ حالِكْ، لم يتزودوا قبله بما ينير لهم دهاليز تلك الظلمة.!!

*رئيس التحرير

● تنويه لزوار الموقع (الجدد) :- يمكنك الإشتراك بالأخبار عبر الواتساب مجاناً انقر هنا ليصلك كل ماهو جديد و حصري .

Source almnatiq



slot gacor
https://maspasha.com/
slot gacor
https://punchermedia.site/
https://bkpsdm.tanahlautkab.go.id/galaxy/
max88
https://143.198.234.52/
sonic77
https://159.223.193.153/
http://152.42.220.57/