▪︎ واتس المملكة
.
المناطق_متابعات
اعتاد مايكل كوينان الاستلقاء على سريره خلال عطلة نهاية الأسبوع مرة واحدة على الأقل في الشهر. حيث يقول الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة نيفوس تكنولوجي، وهي شركة خدمات بيانية مقرها المملكة المتحدة، “كنت مرهقا جسديا وعاطفيا طوال الوقت. ثم ازدادت الأمور سوءا أكثر فأكثر”.
كانت دورات الإجهاد، التي جعلته “شخصا أكثر صراحة و حدة”، لغزا طبيا حتى تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وذلك عندما تلقى تشخيصا رسميا يخبره بأنه مصاب بالتوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. حيث كان سبب شعوره بالإرهاق هو الحمل الحسي الزائد، بما في ذلك أثناء المواقف الاجتماعية، إضافة إلى الجهد الذي يبذله في إخفاء سمات التوحد.
ساعده هذا التشخيص على الكشف عن أثر التنوع العصبي في حياته العملية – وهو مصطلح شامل يشمل التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه واضطراب الحركة وعسر الحساب وعسر القراءة وعسر الكتابة. أخبر الموظفين أنه لكي يحد من ميوله للإدارة التفصيلية، ينبغي لهم فقط إبلاغه بمسألة تتعلق بالعمل في حال أرادوا منه “أن يتعامل مع المسألة”. وبعدها قام كوينان بتقسيم المسؤوليات في الشركة وبدأ إدارة جدوله الزمني بشكل أفضل من أجل تقليص الاجتماعات المتتالية وتخصيص وقت للاستراحة أو القراءة أو التأمل أو ارتداء سماعات إلغاء الضوضاء التي يعرف أنها “ستهدئ جهازي العصبي مرة أخرى”.
إن الارتفاع الحاد في الحالات التي تم تشخيصها بالتنوع العصبي بين البالغين يعني أن مزيدا من العاملين، بما فيهم كبار القادة، بحاجة إلى التفكير في تأثيرها المحتمل في وظائفهم – وأنه يتعين على رؤسائهم التكيف معها.
تقول شارلوت فالور، الرئيسة السابقة لمعهد المديرين في المملكة المتحدة ومؤسسة معهد التنوع العصبي الخيري، المصابة بالتوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، “أنا جزء من مجموعتين سريتين (من الأشخاص الذين يعانون اختلافات عصبية) ومنا من هم مديرين تنفيذيون كبار. نحن نعمل على جميع المستويات. فمنا العاملون الاجتماعيون ومصففو الشعر والمصرفيون والمحاسبون والمحامون، وكما تعلمون، السياسيون أيضا. نحن حرفيا في كل مكان”.
يضيف جيريمي ديفي، مهندس برامج في شركة مايكروسوفت، وهو مصاب بالتوحد، “ألتقي أشخاصا طوال الوقت في العمل، وأقول، أجل، إنهم ينتمون إلى الطيف نفسه. ولا أعني بهذا ازدراءهم بأي حال. هذا فقط ما ألاحظه”. كما يصر على أن الأشخاص في مناصب القيادة العليا الذين يعانون “حالات متنوعة عصبيا منتشرون فيها كما هم منتشرون بين السكان”.
تقدر الجمعية الوطنية للتوحد أن ما لا يقل عن 1 في المائة من الأشخاص في المملكة المتحدة مصابون بالتوحد، وتشير إلى أن الرقم الحقيقي يمكن أن يكون أعلى لأن عديدا من البالغين، خاصة النساء، لم يخضعوا للفحص. وجدت دراسة أجرتها جامعة نيوكاسل في 2021 أن واحدا من كل 57 طفلا في المملكة المتحدة مصاب بطيف من أطياف التوحد.
كما تشمل هذه الأرقام طيفا واسعا من الناس كالذين لا يستطيعون العيش بشكل مستقل، أو العمل، إلى الأشخاص الذين يتبؤون أعلى المناصب في المنظمات، مثل لورد البحرية الإنجليزية الثاني السابق، نائب الأدميرال نيك هاين. أعلن الضابط البحري المتقاعد قبل عامين أنه مصاب بالتوحد، حيث اكتشف ذلك عند مراجعته الأطباء في 2009 بعد الاشتباه بأنه يعاني اضطراب ما بعد الصدمة.
قال تقرير أعدته شركة ديلويت العام الماضي إن التنوع العصبي يمكن أن يضيف “طرقا قيمة للتفكير وحل المشكلات”.
لكن البيانات من مكتب الإحصاءات الوطنية تظهر أنه في العام حتى حزيران (يونيو) 2021، تم توظيف 29 في المائة فقط من البالغين المصابين بالتوحد في المملكة المتحدة.
يعد الكشف عن التشخيص مسألة حساسة. حيث يقول ديفي، “لا يمكنك الوصول إلى المستويات العليا في العمل دون أن يكون لديك طموح. فكلما صعدت إلى الأعلى، أصبحت سياسيا أكثر. يجب ألا تعطي الآخرين معلومات عن نفسك قد تستخدم ضدك. هناك أعداد هائلة من الأشخاص الذين لا يريدون الكشف عن أنفسهم من أجل حماية أنفسهم”.
أما دان هاريس، الرئيس التنفيذي لمؤسسة نيورودايفيرسيتي إن بيزنيس، وهي مؤسسة خيرية مكونة من موظفين لديهم حالات عصبية متنوعة يدعون أصحاب العمل لاتباع أفضل الممارسات، فيقول إنه بالنسبة إلى الكثيرين “مبعث القلق هو أن (إخبار صاحب العمل) سيضر بآفاق مسيرتي المهنية”. لكن ديفي يقولها بصراحة، “الناس خائفون من ذلك فقط”.
لكن بالنسبة إلى الآخرين، فقد فاقت الفوائد كل العواقب المحتملة.
يقول كيرت لوبست، المدير في شركة سيلزفورس في بنسلفانيا، إن قلقه بشأن الكشف عن تشخيصه في الشركة ثبت أن لا أساس له من الصحة. قال، “كنت قلقا من عدم النظر إلي بعين المساواة وأني قادر على أن أكون قائدا وذا أداء عال”. لكن في الواقع، تم تشجيعه على تقديم ذلك أمام ألف شخص في الشركة وبدء مجموعة موارد للموظفين. وأضاف، “إن قلت إنه تم تبني رسالتي فهو تبخيس للأمر”.
تقول مستشارة التكنولوجيا، إميلي سوندرسون، إنها أخبرت صاحب عملها بأنها مصابة بالتوحد “لأن إخفاء هويتي والتستر عليها هو أمر مرهق أكثر من أن تكون صادقا وأن تتعامل مع وجهات نظر منحازة عفا عليها الزمن إضافة إلى التمييز”.
أخبر كوينان شريكه في العمل وفريق الإدارة العليا بعد أن تلقى التشخيص، كما أبلغ الموظفين عندما أصبح الوقت مناسبا لذلك. كما أنه يعتقد أن تثقيف الناس هو جزء من العملية. حيث قال، “لا أعتقد أنك إذا كنت مديرا تنفيذيا يمكنك فقط أن تقول، أنا أعاني التوحد، وأن تتوقع من الأشخاص الذين تعمل معهم أن يفهموا ما يعنيه ذلك”.
من بين الخرافات الشائعة أن المصابين بالتوحد يفتقرون إلى الإحساس بالتعاطف. وهو شيء كان على فالير مواجهته عندما تم تشخيص حالتها في سن الـ52، قبل سبعة أعوام. لكنها اليوم قلبت الأمور رأسا على عقب، متسائلة عما إذا كان الأطفال الذين يعانون حالات عصبية والذين تنمروا عليها عندما كانت طفلة، أو البالغون الذين جعلوها فيما بعد تشعر بالحرج، قادرين على وضع أنفسهم في مكانها.
بالنسبة إلى فالير، كان الإفصاح يعني أنها قادرة على شرح أسلوبها في التخاطب. وبينما يظهر التوحد بطرق مختلفة، إلا أنها لاحظت قواسم مشتركة، “نحن نقول الأشياء بصراحة، ولا نستخدم المجاملات كثيرا، كما نميل إلى عدم الانخراط في الأكاذيب، حتى الأكاذيب البيضاء وفي الأغلب ما نجد السلوك غير المباشر مربكا لنا، لذلك إذا أراد شخص ما إخبارنا بشيء، فمن الأفضل أن يقول ذلك كما هو”.
تحدثت فالير إلى مجلس الإدارة وأعضاء الفريق حول الطرق المختلفة للتخاطب وطلبت منهم إخبارها في حال أزعجتهم عن غير قصد. قالت، “بصفتي قائدة الفريق، فإن هذا أيضا يعلمني عن الحساسيات التي يشعر بها كل فرد من أعضاء الفريق”. تعلمت عدم المقاطعة والتحدث بينما الناس منخرطون في الحديث. قالت، “عندما يحدث ذلك، فإني أعتذر لهم وأشرح سبب حدوث ذلك وأنني لم أقصد أن أكون فظة أو ألا أراعي مشاعرهم”.
أشار كوينان إلى أن صعوبات السياسة في العمل ربما دفعته إلى تأسيس شركة خاصة به. حيث قال، “إني أجد صعوبة في القيام بأشياء لا أجدها منطقية، الأمر الذي يجعل العمل في بيئة أمرا صعبا عندما تعمل لدى أشخاص آخرين”.
في 2020، تم تشخيص مارك بيترسون، وهو مدير برامج متقاعد، حيث قال إنه خلال حياته المهنية “يركز المديرون العظماء على ما تنجزه (…) بينما يميل المديرون الضعفاء إلى التركيز على المدخلات، مثلا منظرك عندما تكون في المكتب وتبدو منغمسا في العمل. فهم يميلون إلى توظيف وترقية الأشخاص الذين يشبهونهم. كما أنهم يركزون على ما يبدو جيدا بدلا مما هو صحيح، وعندما تواجه العقبات، يمكنك الاعتماد عليهم في دفعها نحو الأسوأ”.
توصي مؤسسة إن أي بي بإجراء تغييرات أخرى يمكن أن تحسن النتائج للموظفين ذوي الحالات العصبية المختلفة كما أنها تفيد العاملين من ذوي النمط العصبي الطبيعي، مثل تخصيص الوظائف بحسب مهارات الأفراد واهتماماتهم، وبرامج الإرشاد والاجتماعات التي تسمح باستخدام طرق مختلفة للتواصل. ويمكن لأصحاب العمل السماح بإجراء تعديلات معقولة على مكان العمل – مثل تمكين الموظفين من استخدام سماعات إلغاء الضوضاء والبرامج المساعدة – ووضع هدف للقضاء على التحيز عندما يتعلق الأمر بالتوظيف من خلال تحديد هيكل وتوقعات المقابلات.
كما يمكن للتغييرات الصغيرة الأخرى أن تساعد الموظفين. فقد كان تجنب السفر الذي شمل تغيير المطارات المزدحمة أمرا أساسيا لديفي. قال، “إن الحمل الحسي الزائد يدمرني تماما. إن فكرة أنك قد توفر 20 دولارا عن طريق تغيير الطائرات في شيكاغو كان بمنزلة الجحيم المطلق بالنسبة لي”.
كما ساعد الوعي على تحسين حياة ديفي العملية. حيث كان الإفصاح عن التوحد يعني أنه “بمجرد أن نفهم أن عقلي مرتبط بشكل مختلف وأن الناس كانوا (…) قادرين على التفكير في الأمر(…) لقد أحدث ذلك فرقا كبيرا في علاقات العمل وأيضا في فاعلية الفريق”.
كيف نحسن مكان العمل للموظفين ذوي التنوع العصبي
رسالة من الأعلى: عندما يتحدث كبار القادة – أو عندما يكتبون – حول الموضوع فإن ذلك يرسل رسالة قوية حول القيم التي تتبناها الشركة.
التوظيف: دقق في فحص التوظيف بحثا عن أوجه التحيز، وفكر في تهيئة المرشحين للمقابلة وإعطائهم المهام أو الأسئلة التي تتناسب مع الوظيفة بدلا من طرح أسئلة مجردة.
التدريب: حيث يساعد الموظفين على الشعور بالثقة حيال الكشف عن تشخيصهم، ويشجع على فهم السلوك والسمات المختلفة.
التوجيه: يساعد العاملين على اجتياز التقدم الوظيفي وسياسات المكتب.
التعديلات في مكان العمل: يمكن لها أن تشمل السماح بارتداء سماعات إلغاء الضوضاء، أو التقليل من سطوع الإضاءة في المكتب.
● تنويه لزوار الموقع (الجدد) :- يمكنك الإشتراك بالأخبار عبر الواتساب مجاناً انقر هنا ليصلك كل ماهو جديد و حصري .
Source almnatiq
