▪︎ واتس المملكة
.
رضاء العنزي
أي تأسيس هذا؟ نحن مسلمون وعرب قبله يا رجل؟!
بعد انتهاء عصر الدولة الدينية بسقوط الإمبراطورية الرومانية المقدسة في أوروبا (رغم صراخ المستفيدين من بقائها أنها ماتزال موجودة)، وبعد سقوط الدولة العباسية في القاهرة عام 1507م 923هـ (ورغم صراخ الأتراك أنهم موجودون وأنهم ورثتها)، وقبل قيام الدولة السعودية الأولى بنحو 200 سنة، أصبح للشعوب هويات تجمعها وتحميها أمام أطماع الشعوب الأخرى التي كانت تحكمها وتستغل خيراتها باسم الدين.
من نحن قبل يوم التأسيس؟
قبل يوم التأسيس، كان المسلمون يملئون العالم من طنجة إلى جاكرتا، فهذا هندي وذا تركي وذاك روسي وأولئك غير ذلك، والعرب ملأوا آسيا وأفريقيا فهذا عراقي وهذا مصري وذا يمني وذاك شامي وذاك جزائري وهلم جرا. كل هؤلاء لهم هويات سياسية وحكومات توفر لهم قضاء واقتصاد وأمن وتعليم ..، كان أجدادنا إذا رأوهم في الحج أو في طرق التجارة عرفوا هويتهم السياسية ونظامهم الاقتصادي والأمني والقضائي. في حين أنهم يعيشون في جزيرة العرب بلا هوية سياسية تجمعهم على شيء وكأننا جزء من العالم عاد لما قبل العصر السومري.
قبل يوم التأسيس، يحدث دائما أن يمسي الرجل غنياً ويصبح فقيراً جراء غزوةٍ خاطفة، أو يُقطع طريق قافلته التجارية وتُسلب كل أمواله،ويعود بخفي حنين، والأسوأ من ذلك أنه قد يقتلك أحدهم لأجل بعيرك أو بندقيتك أو ثوبك أو حتى نعليك، كما قد يفعل لأنك عدو ابن عمه، ولن تجد من ينصفك منه، أو يأخذ لك حقاً أو يرد عليك مالاً ممن هو أقوى منك، فالأفضلأن تغزو من هو أضعف منك، أو من لم يتوقع هذا منك، وتصنع رأس مال جديد،أو تقبل وتعيش عاملاً مسكيناً أو رويعي غنم عند أحدهم ما تبقى من عمرك.
قبل يوم التأسيس، لا يوجد لدينا في جزيرة العرب نظام اقتصادي ثابت ومستقل فكنا نتداول أي عملة تقع بأيدينا وقد لا نعرف اسمها فنسمي الدولار النمساوي فرانك فرنسي أو أم شوشة وأخرى المنقوشة ونستخدم البيزة الهندية وعدة عملات تركية، يقلقنا هاجس احتمالية تزويرها حتى عدنا لنظام المبادلة بالسلع بدلا من تداول العملات النظام الذي انقرض منذ القرون الأولى.
قبل يوم التأسيس؛ كان التعليم نادراً إلى حد الانقراض، فقد تتجاوز عدة قرى وبلدات ولا تجد من يستطيع القراءة ولا الهجاء فضلا عن الكتابة، ومن طريف ما يذكر أنهم كانوا يتعجبون من أهل شقراء لأن بينهم عدد أعلى من المعدل ممن يجيدون القراءة والكتابة فيقولون (حتى العنز بشقرا تقرا)، وربما طاف أحدهم برسالته شهورا ليجد من يقرأها له، فيكتشف أنه مضى زمن المعلومة، بل إن غالبية من يعرفون القراءة والكتابة كانوا يكتبون بلهجتهم المحلية التي لا يفهم أغلب مفرداتها غيرهم.
قبل يوم التأسيس، كان القضاء في القرى ضعيفاً يفتقر للقوةً التنفيذية التي تمضى الحكم بالقوة، ويعتمد على رضا الطرفين، ومن يؤمر على بلدة يبقى محدود النفوذ، وكثيرا ما يحدث أن يهجم أحد السادات ويقتل أمير القرية ويصبح هو الأمير ويمد نفوذه بالتغلب وبقوة من معه، حتى يأتي من هو أقوى منه ويقتله ويأخذ سيادته.
وفي البادية لديهم للقضاء العارفة وهو رجل يعتمد على فراسته والتوقع والملاحظة والحلف الطويل المرعب، أو بحرق اللسان بسكين حارة فمن يحترق لسانه يعتبر كاذباً.. أو اللجوء للقوة فمن كان له عصبة يحمونه يسلم ولا يطالب بشيء..
قبل يوم التأسيس، كان هذا هو الحال في كل نواحي الحياة كالعلاج،والتجارة، والاتفاقات، والحدود، وغيرها.
قبل يوم التأسيس، كان الخطر محدق، والأمن مقلق، والجهل هو الأصل، رغم أنهم مسلمين وعرب (الاسلام متوفر لكن الأمن مفقود). وكانت هذه الحال لا تُعجب العقلاء وأولي النهى وغالب السادات في جزيرة العرب حتى
في يوم التأسيس، قيض الله الإمام محمد بن سعود رحمه الله وبدأ بمشروع توحيد الهوية السياسية لهذه الأمة وراسل كل ذي بال من زعماء المناطق والقبائل وأهل التجارة وأهل الدين والمؤثرين ففرحوا وآمنوا بفكرة الدولة وأقبلوا إليه بقومهم وقوامهم، وأموالهم وسلاحهم وأرواحهم يبايعونه ويدفعون له الزكاة، دون أن يرجوا عطاءً ولا راتباً، بل ويقاتلون من رفض فكرة الانضواء تحت راية الدولة الموحدة ممن في الغالب يخافون على نفوذهم في مناطقهم أو مكانتهم في قبائلهم.
في يوم التأسيس، كان الإيمان بفكرة الدولة السعودية والإقبال عليها سريعاً من أبناء جزيرة العرب، فمن أقصى جنوب جزيرة العرب انضم الشيخين ناجي ومنصر القملا مبايعين وبنو مدينتهم، مروراً بشيخ عسير الشيخ محمد بن عامر أبو نقطة وأخيه الشيخ عبدالوهاب أبو نقطة، ومن وادي الدواسر وصل الدرعية الشيخ ربيع بن زيد المخاريم الدوسري مبايعاً، ومرورًا بقبائل وحاضرة نجد فكلهم بايعوا وقاتلوا في بناء الدولة، وهؤلاء اهل القطيف يراسلون الدرعية طالبين الانضمام وينضمون فعلا، وهذا الشيخ الحجازي عثمان المضايفي العدواني يرى انضواء عرب جزيرة العرب تحت لواء هذا الدولة العربية المستقلة العادلة فيعلن انضمامه لها ويصبح أميرها في الطائف والحجاز، وهناك في أقصى الشمال تصل رسالة إمام الدرعية ليد الشيخ الدريعي ابن شعلان شيخ قبيلة الرولة من عنزة تدعوه لينضم للدولة فيقبل مسرعاً للدرعية ويعلن انضمامه لها، وفي الشمال الشرقي يعلن ابن هذال تبعيته لإمام الدرعية ويقاتل عدوها تحت رايتها..
بعد يوم التأسيس، تحققت الهوية السياسية وتميز السعوديون عن بقية شعوب العالم كله وأمنت السبل وازدهرت التجارة حتى أغرقت العراق والشام بالمنتجات وأمن الضعيف قبل القوي وحفظت الحقوق حتى أن الرجل إذا فقد ناقته يسوقها الناس للحمى المجهز من الدولة وقد يجدها بعد سنوات وقد أنتجت له مرتين أو ثلاث.
بعد يوم التأسيس، تكونت بفضل الله ثم بسيادة الإمام محمد بن سعود أول دولةٍ مستقلةٍ في الشرق الأوسط لا تتبع للأتراك، ولا للفرنسيين، ولا للإنجليز، ولا للفرس، ولا للإيطاليين، ولا غيرهم، وبنينا وطن كامل بأيدينا كما تصنع الأمم العظيمة، بنينا فيه كل قرية وحصن وبيت وسد، حفرنا في كل بئر وساقية، غرسنا فيه كل شجرة ونخلة، أسمينا فيه كل جبل وكل واد وكل ساحل،ولم يبن لنا أو يسم لنا أحد فيه شيء.
بعد يوم التأسيس، أصبحنا معروفين بطابع خاص وهوية مميزة في كل شي فأصبحنا السعوديين على غرار الأمويين ولم ننسب لاسم إقليم أو جبل أو نهر.
وقد حاول البعض أن يسمينا سكان نجد وشرقها وشمالها والحجاز وعسير وتهامة والربع الخالي وهذا لا يستقيم اسما سويا لطوله، وآخرون قالوا نسميهم الوهابيين، وهذا لا ينطبق بلا شك، ففي السكان مذاهب دينية عدة لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات ويخضعون لنفس القوانين دون ميل أو محاباة.
بعد يوم التأسيس، السعودية هي العنصر الوحيد الجامع المانع لنا ويميزنا عن غيرنا من سكان كوكب الأرض نحن السعوديون.
والله اللي عزنا ما لأحد منّه.
● تنويه لزوار الموقع (الجدد) :- يمكنك الإشتراك بالأخبار عبر الواتساب مجاناً انقر هنا ليصلك كل ماهو جديد و حصري .
Source almnatiq
