أعلن معناprivacyDMCAالبثوث المباشرة

“عطايا الله” تفضي إلى الخزامى بسرها

“عطايا الله” تفضي إلى الخزامى بسرها

▪︎ واتس المملكة

.



في وقت تعيش السعودية أجواء استذكار تأسيسها الأول قبل ثلاثة قرون وسط حراك تنموي وحداثي مترامي الأطراف، تشهد دروب المدن والبراري وناطحات السليكون وبيوت الطين عناقاً بين الأصالة والعصرنة، تقف “الجِمال” على أطرافه شاهدة تبوح للخزامى في المحميات والمراعي بسرها، وهي تحتفل بعرسها الاستثنائي يوم غد عام 2024 أجمعه، موقوفاً على “الوحش” الذي طوعته الجزيرة العربية منذ آلاف السنين قبل أن يصبح سفينة الصحراء و”ناقة الله وسقياها” للسكان والعابرين.

ومع ظروف تقلب المناخ النادرة التي صيرت أجزاء من البلاد مترامية الأطراف “مروجاً وأنهاراً” ومرابع استوائية، يتسابق السعوديون إلى توثيق لحظات أذواد الإبل وسط عوالمها الأولى، يوم كانت الرفيق والمعنى والقصيدة.

وفي منطقة الحدود الشمالية بخاصة تحولت البراري إلى لوحة زاهية الألوان من النباتات الموسمية التي تثمر وتزهر في الربيع، ومنها الخزامى العطرية، لتصبح البراري بساطاً فخماً في قلب الطبيعة، وهي النبتة التي اختارتها السعودية لتكون اللون الخاص لبساط مراسمها، عوضاً عن الأحمر شائع الاستخدام، في لفتة شكلت قبل نحو عامين جزءاً من التحولات الثقافية التي تعيشها البلاد.

ويوثق مصور “واس” مشاهد خلابة ظهرت فيها الإبل هنالك ترعى شامخة بين خضرة عشب الربيع وزهور الخزامى، لتتشكل لوحات طبيعية في صحاري رفحاء مزجت بين شموخ الإبل وجمالها وخضرة عشب الربيع الأخاذ وزهور الخزامى البنفسجية التي تستهوي المتنزهين الذين يجلسون إلى جوارها يتابعون معرضاً خلقه الله وجمّله بخضرة الربيع وزهور الخزامى والأعشاب الأخرى وأعجوبة الإبل، بينما تحولت المرتفعات والسهول إلى بساتين بنفسجية تستقطب الزائرين.

 من عهد التأسيس إلى جيل الرؤية

ولم يكن اختيار الرياض الإبل لتكون عنوان عام 2024 إثر موافقة مجلس الوزراء السعودي قبيل مطلع العام الجديد عشوائياً، وهي التي دأبت جهاتها الثقافية على انتقاء رمزيات سعودية لتكون ترويسة الأعوام منذ 2021، إذ تعد “عطايا الله”، كما يحلو لملاكها ومحبي اقتنائها تسميتها، رمزاً فريداً للسعوديين وسكان الجزيرة العربية منذ القدم، ممثلة معاني اقتصادية وعسكرية وأخرى بالقيمة الاجتماعية وظروف الحياة في الصحراء.

وبحسب دراسة نشرتها وكالة الأنباء السعودية (واس) عن فريق بحثي سعودي – بريطاني، فإن البصمة الوراثية للإبل ذات السنام أثبتت أن الجزيرة العربية هي موطن الاستئناس الأول لهذا الحيوان الرمزي قبل 7 آلاف عام.

وتؤكد الدراسة ما وثقته المرويات الشفهية والنقوش والنصوص الأدبية التي لازمها ذكر الإبل في ظروف مختلفة، ففي الجانب العسكري حضرت الإبل في حروب توحيد السعودية تحت راية الملك عبدالعزيز بصورة واسعة، وقد كانت وسيلة التنقل والقتال الرئيسة في المعارك، إذ حرص الملك الراحل على اختيار “منقيات” جيشه بعناية، وكان يطلق على منقية جيش الملك عبدالعزيز “ريمات” والتي حظيت بعناية خاصة من جلالته بعد ذلك، تقديراً لدورها في حروب التأسيس، بحسب توثيق نشره نادي الإبل السعودي.

وأضاف النادي أن أذواد الملك حينها من الإبل كانت تصل إلى 90 رعيّة من مختلف الألوان، وعلى رغم صورها النادرة إلا أن شعراء البادية نجحوا في تجسيدها كما ورد على لسان الشاعر مطلق الخية الجبلي حين قال:

 “احفظوا ريمه ترا ما به مغازي .. زادها من زاد نجد وبركتها ..

زادها اللي واليٍ قصر الحجازي .. زادها تسعين والجولة غشتها ..”

في إشارة إلى أعدادها التي بلغت الـ90، بحسب نادي الإبل، ومكانتها عند الملك عبدالعزيز وأجيال السعوديين منذ عهود التأسيس والتوحيد.

ذهبت الحاجة وبقي المعنى

وفضلاً عن مرافقتها للسعوديين وأبناء الجزيرة العربية من قبل ذلك في كل ظروف الحياة وتحملها شظف العيش في الصحراء معهم، فقد لعبت دوراً اقتصادياً أيضاً إذ كانت عملة لتقييم التبادلات التجارية بعددها، وكانت مهوراً في الزواجات وهدايا في قضايا الصلح والأحكام العرفية الاجتماعية، وعلى رغم أن الأجيال السعودية المتأخرة قد تجاوزت الإبل من حيث الحاجة الأساس إلا أنها لا تزال تظهر الامتنان للشريك الذي تقاسم مع أجدادهم أعوامهم الأولى، إذ تعد أحد الكائنات المفضلة للاقتناء لدى السعوديين على رغم ارتفاع أسعارها، ويتنافسون بها في مسابقات “المزايين” التي تعد أحد أبرز الأنشطة الاجتماعية لتحديد السلالات ذات الصفات الجمالية، وفقاً لمعايير منها الشفاه وطول الرقبة ووسع البطن وارتفاعه عن الأرض واستقامة القوائم وشكل السنام وموقعه، إضافة إلى محددات أخرى.

ويحتفي السعوديون بالإبل طوال هذا العام بعد أن اختير الخط العربي ليكون رمز عام 2021 والقهوة السعودية لعام 2022 والشعر العربي لـ 2023، بعد أن سنّت الجهات الثقافة تسمية الأعوام برموز تنتمي للثقافة السعودية وتعززها بالتعاون مع قطاعات الدولة كافة.

الريحاني يروي حكايته مع الجمل

وتشهد سباقات الإبل ومهرجاناتها إقبالاً سياحياً كبيراً من جانب السياح الأجانب مثلما كانت في أزمنة مضت نقطة اندهاشهم، فوثقوا تجاربهم معها والتحديات التي فرضها ركوب الجمال على الغرباء، وما إن يصل السائح إلى السعودية حتى يكون في مقدم أولوياته زيارة الأنشطة والفعاليات المتعلقة بالإبل وثقافتها، إذ يقوم بركوبها وشراء منتجاتها وتوثيق اللحظات التي تربطه بها.

ويدون الأديب الأميركي من أصل لبناني أمين الريحاني قصته مع ركوب الجمل أول الأمر وهو في طريقه إلى لقاء الملك عبدالعزيز قبل وصوله ميناء العقير (شرق السعودية) عام 1922 قائلاً، “أُعدت لنا الركائب فسافرنا صباح الخميس أنا ورفيقي يصحبنا خمسة من الخدم، وكان أول عهدي بالذلول وبالنفود، فأبهجتني هذه وأزعجني ذاك، بل كنت في كل حركة أحس بشيء تحتي أو حول رجلي وجنبي لا يجوز في نظري أن يكون هناك، والغزالتان بليتان، تدق الواحدة صدري والأخرى ظهري كلما حدوت إلى الأمام وإلى الوراء، والكور أكاد أطيح منه، هو مائل إلى الأمام، مائل إلى اليمين، مائل إلى اليسار، والشداد (الرحل) إن فيه ما يحتك بالجنب وما يقرص الرجل، وما يسيء يسيء الأدب”.

والغزالتان خشبتان مرتفعتان مستقيمتان في الكور، واحدة إلى الأمام والأخرى إلى الوراء تقيان الراكب السقوط، وتستخدمان في التحميل لشد الحبال وتعليق الأحمال.

وبعد حين من وصف متاعبه تلك وطلبه من مرافقيه بأدب إنزاله حيناً بعد آخر، أضاف “لكن التعب والألم لا يدومان طويلًا في فسح الرمال وسكينة النفود، فبعد أن نصبنا الخيمة وشببنا النار وتقهوينا تهافتت حسنات المكان عليّ، فملكني من السرور ما كان قد هجرني راكباً، ورحت أتغنّى بمدح أرض يحلو هواؤها، يحلو شكلها وفسحاتها، ويحلو لونها وسكونها، يحلو وطؤها، تحلو مجسّتها، وبعد العشاء تبارينا برمي الجريد وتسابقنا حفاة في العدو، ووقف ماجد على يديه ليبرهن أن رجليه أعلى من رأسه، وأنه مستقيم وإن كان كيفما وقف أو مشى وأنه قوي يغلب (نظيره) في كل شيء، بالصراع، بالعدو، بالقنص، بالركوب، وباﻟ…، أوقفناهما عند هذا الحد في المفاخرة فاستعاضوا عنها بالغناء واللعب (الرقص)”.

ودخل الخيمة كما يروي في نثره البديع في كتابه “ملوك العرب” والخدم لا يزالون في السمر، “فاستلقيت على السرير وأنا في بهجة من حقّقت الأيام حلماً من أحلامه، فها هي الصحراء وهو ذا الهجين (غناء محلي)، وهؤلاء العبيد عبيدي (حينها لم يلغ الرق بعد)، وها أنا ذا جار لأمير من أمراء العرب، لسلطان نجد” نقلا عن ” اندبندنت عربية ـ مصطفى الأنصاري”.

وفي ما بعد يرى حين اكتسب لياقة ركوب الجمل أنه “خير الرياضات الجسدية، وهو يلذ ولا يتعب إذا بدل الراكب السير بين الإبطاء والسرعة، ففي هذا السير المختلط صحة الراكب والمركوب وسرور الاثنين معاً”.

وتقدر مصادر سعودية متخصصة أعداد الإبل في البلاد بنحو 2.5 مليون في أقل التقديرات، فيما أنجز مشروع ترقيمها لتوثيق ثروتها حتى الآن 1.6 مليوناً، بينما ينظر إلى اقتصادها على أنه يناهز 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار)، إلا أن بعض سلالاتها لا تقدر قيمتها المعنوية بأي ثمن.

● تنويه لزوار الموقع (الجدد) :- يمكنك الإشتراك بالأخبار عبر الواتساب مجاناً انقر هنا ليصلك كل ماهو جديد و حصري .

Source almnatiq



slot gacor
https://maspasha.com/
slot gacor
https://punchermedia.site/
https://bkpsdm.tanahlautkab.go.id/galaxy/
max88
https://143.198.234.52/
sonic77
https://159.223.193.153/
http://152.42.220.57/