أعلن معناprivacyDMCAالبثوث المباشرة

الأسباب التي دعت السعودية لاتخاذ سياسة التقشف

الأسباب التي دعت السعودية لاتخاذ سياسة التقشف

▪︎ واتس المملكة:

.



لا يزال المعنى والهدف الاقتصادي للسياسات الاحترازية الاقتصادية، التي تقوم بها الدول غير مفهوم في كثير من الأحيان، ويؤخذ بالعموميات دون النظر لطبيعة كل اقتصاد أو مجموعة اقتصادية على حدة. وتكلفة التفسيرات الخاطئة أنها تعمل عكس التحفيز المطلوب وربما تقود إلى قرارات مالية أو استثمارية غير صحيحة على مستوى الفرد والقطاع الخاص بشكل عام.
تبدو هذه الظاهرة أكثر وضوحا في الدول النامية، ولا سيما الدول، التي لا تزال تعتمد في اقتصادها على الموارد الطبيعية. الاقتصاد السعودي مثال على ذلك، لذا نرى أنه يتم الخلط عند كثير من المحللين بين القرارات الأخيرة، التي أعلنتها وزارة المالية السعودية والسياسات المالية التي قام بها عدد من الدول الصناعية في مواجهة أزمة كورونا.
يستشهد في ذلك أحيانا بالتجربة الألمانية في ضخ مئات المليارات من القروض والإعانات وتخفيض في الضرائب لتحفيز الاقتصاد- وكذلك الولايات المتحدة التي تقوم بضخ تريليونات الدولارات في مختلف الأنشطة الاقتصادية والأسواق المحلية.
ولذا نرى تعليقات حادة على وزارة المالية كونها قامت باتخاذ سياسات صارمة لضبط مالية الدولة بدلا من زيادة الإنفاق لدعم القطاع الخاص وزيادة الاستهلاك المحلي في مواجهة الآثار الاقتصادية لأزمة كورونا.
لو أن تلك التعليقات تصب في نوعية الضوابط المطلوبة والتطبيقات لكانت أكثر فائدة، لأن الضوابط المالية في ظل الظروف الحالية أمر مطلوب، ولا يمكن استبداله بسياسات توسعية في الإنفاق والاستهلاك.
الاقتصاد السعودي يختلف بطبيعته عن الأمثلة السابقة، ولذلك الحلول المناسبة للاقتصاد السعودي في مواجهة الأزمات تختلف عن غيرها في الدول الصناعية. ولو أخذنا بمبدأ التبسيط في أن المملكة لا تختلف عن غيرها من دول العالم، وأن المطلوب سياسة توسعية وليس شد الحزام في مواجهات هذه الأزمة، فماذا كان سيحدث؟
بالنسبة لألمانيا وأمريكا، النتيجة تعافي القطاع الخاص وزيادة إيرادات الدولة من ضرائب الدخل والمبيعات، النتيجة إيجابية بشكل كبير على المواطنين والقطاع الخاص والدولة.
أما بالنسبة للدول غير الصناعية ذات التنوع الاقتصادي المحدود، التي تعتمد إيراداتها على الموارد الطبيعية واستقرار عملاتها المحلية يعتمد على ما لديها من احتياطيات العملة الأجنبية، فإن النتيجة ستكون مختلفة لو اتبعت سياسات الدول الصناعية نفسها. والاقتصاد السعودي هو أحد أكبر الاقتصاديات، التي تعتمد على الموارد الطبيعية واحتياطيات العملة الأجنبية لضمان الاستقرار المالي والرخاء الاقتصادي.
والعملة الأجنبية يقصد بها الدولار واليورو وغيرها من العملات الرئيسة، التي يتم من خلالها الاستيراد والتعاملات التجارية الدولية.
لذلك لو أعلنت وزارة المالية خطة توسعية في الإنفاق وغيرها من سبل تحفيز الاقتصاد ورفع مستوى الاستهلاك في مواجهة الآثار الاقتصادية لأزمة كورونا، سينتج عن ذلك إضعاف لمالية الدولة وتراجع كبير في الاحتياطيات من العملة الأجنبية بما قد يهدد الاستقرار المالي في المملكة، ولا سيما مع تراجع إيرادات البترول. هذا يعني خسائر وأضرارا كبيرة على المواطن والقطاع الخاص على المدى المتوسط والبعيد يفوق بمراحل أي فوائد قصيرة الأجل قد يحصل عليها القطاع الخاص من السياسات التوسعية في الإنفاق، ويتعدى بكثير في تكاليفه على المواطن أي زيادة في الضرائب والرسوم، التي تم الإعلان عنها.
مالية الدولة هي المحرك الرئيس لعجلة القطاع الخاص ومختلف برامج التنمية للمواطن،ودون المحافظة على قوة مالية الدولة، فإنه لا يمكن تحقيق استدامة المنافع للقطاع الخاص والمواطن. ولو كان الاقتصاد السعودي متنوعا في صادراته ويعتمد على نشاط القطاع الخاص كمحرك للاقتصاد أكثر مما يعتمد على إنفاق الدولة لكان التحليل أعلاه مختلفا، وربما كانت قرارات الدولة في هذا الشأن أقرب ما تكون لقرارات دول صناعية أخرى.
وحتى يتحقق للمملكة التنوع المطلوب في الاقتصاد، فإن استمرار النمو والتوظيف في الاقتصاد السعودي وحركة التجارة والأعمال في القطاع الخاص ومصالح المواطنين يعتمد على قوة واستدامة مالية الدولة. وفي ظل التركيبة الحالية للاقتصاد السعودي، فإن القطاع الخاص مع أهميته للاقتصاد الوطني ليس هو المحرك الأول لتلك النشاطات وليس المورد الأساسي لإيرادات الدولة كما هو الحال في الأمثلة السابقة للدول الصناعية. القطاع الخاص لا يزال يعتمد على الإنفاق العام للدولة.
ولذلك لا يمكن للمخطط الاقتصادي في المملكة إلا أن يضع تقوية مالية الدولة في مقدمة الأولويات لأنها المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي ومصدر الاستقرار المالي والنمو والرفاه لجميع المواطنين في القطاعين الخاص والعام، وقوة مالية الدولة صمام أمان للتوازن والأمن الاقتصادي السعودي.
وأي إضعاف كبير لمالية الدولة بسبب أزمة كورونا أو إنفاق حكومي توسعي في الاستهلاك لمواجهة الأزمة بشكل يتعدى الاحتياطيات المتوافرة لتحقيق الاستقرار المالي المطلوب، فإنه حتما سيقود لمصاعب كبرى للقطاع الخاص والمواطن على المدى المتوسط والبعيد. ولهذا كان قرار الدولة حكيما في معالجة هذه الأزمة.
كما أن القيادة في المملكة قررت منذ أربعة أعوام ضمن “رؤية المملكة 2030” إنشاء برنامج ادخار وطني للمستقبل من خلال تطوير دور صندوق الاستثمارات العامة، ليكون أحد أهم أهدافه بناء مدخرات وطنية من العملة الصعبة كرافد لإيرادات الدولة من البترول وتحقيق دخل مستدام للدولة على المدى المتوسط والبعيد.
احتياطيات الدولة من العملة الأجنبية تعد فعليا بمنزلة سقف الإنفاق الحكومي، وهذه تختلف عن إيرادات الدولة من العملة المحلية، فكلما زاد حجم الاحتياطيات بالعملة الأجنبية زادت إمكانات الدولة في الإنفاق العام. وهذه نقطة بالغة الأهمية في مقومات وركائز مالية الدولة لا تؤخذ عادة في الحسبان عند كثير من المحللين.
يرى بعض المحللين أن هناك مدارس عدة في الاقتصاد الكلي عن كيفية مواجهة المالية السعودية للأزمات، وهذا غير صحيح. توجد فعليا وعلى المدى القصير مدرسة واحدة لأي اقتصاد يعتمد على الموارد الطبيعية Resource Economies. السياسات المالية والنقدية لدول الموارد الطبيعية محدودة.
ولا يمكن استخدام سياسة سعر الصرف في زيادة الصادرات، لأنه لا يوجد تنوع في الصادرات، كما هو الحال في الدول الصناعية، بل إن ثبات سعر الصرف في هذه الحالة يعد ميزة نسبية. الاختلاف والتنوع في مدارس اقتصادات الموارد الطبيعية يكمن في التفاصيل والاستراتيجيات الخاصة بتطوير مختلف القطاعات الاقتصادية للانتقال من مرحلة الاعتماد على البترول إلى تنويع الاقتصاد.
لكن الإطار العام للمالية العامة يبقى على المدى القصير مرتبطا ببناء مدخرات وطنية لدعم الخيارات المالية المتاحة وضمان الاستقرار المالي Fiscal stability الذي يعد شرطا أساسيا Prerequisite لأي برنامج لتنويع الاقتصاد وتحوله من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد أكثر قوة وإنتاجية. دون تقوية وضمان الاستقرار المالي على المدى البعيد سيكون من الصعب تحقيق النجاح المطلوب في أي استراتيجية لتطوير الصناعة وتنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات الخارجية.
إضافة إلى عوائد الاستثمارات الخارجية، لا شك أن أهم مصادر دعم إيرادات الدولة من العملة الأجنبية على المدى المتوسط والبعيد تتركز في قطاعات التصدير المختلفة، خاصة الصناعية وجذب الاستثمارات الخارجية. كذلك لدى المملكة ميزات كبيرة في قطاع السياحة، خاصة الزيارات المرتبطة بمواسم الحج والعمرة، التي تعد أحد أهم خزائن الثروة، التي لم يكتشف مداها.
والمملكة قد خطت خطوات كبيرة نحو تسهيل الزيارات لمختلف مدن المملكة، وتطوير قطاع السياحة بالتركيز على تلك الميزات النسبية الضخمة المتوافرة للمملكة، ولأن تلك الاستراتيجيات والمشاريع خاصة الصناعية تحتاج إلى وقت طويل ليتم تحقيق الأهداف نحو تنويع الاقتصاد وزيادة الصادرات السعودية بما يحقق الكفاية المطلوبة..، لا بد من ضمان أن تكون مالية الدولة قوية طوال الطريق وكأنها الجسر، الذي يمكن العبور من خلاله.
وهذه هي أهداف “رؤية المملكة 2030″، التي تحاول اختصار الزمن لتعويض ما لم يتم تحقيقه في الخطط الخمسية المتوالية، التي مرت على المملكة خلال الـ50 عاما الماضية.
يبقى التحدي في عملية التطبيق وتوفر الكفاءات السعودية والحوكمة المطلوبة للتنفيذ، وعندما تتحقق تلك الأهداف والطموحات الكبيرة بحول الله وقوته، يكون القطاع الخاص وقتها هو المحرك الرئيس للاقتصاد، وليس الإنفاق الحكومي، عندئذ تكون السياسات الاحترازية وقت الأزمات أكثر تنوعا ومرونة مشابهة لما تقوم به الدول الصناعية.

عمل سابقا كبيرا للمستشارين ومديرا عاما للاستثمار بمؤسسة النقد وخبيرا غير مقيم في جامعتي “هارفارد” و”ستانفورد”



slot gacor
https://maspasha.com/
slot gacor
https://punchermedia.site/
https://bkpsdm.tanahlautkab.go.id/galaxy/
max88
https://143.198.234.52/
sonic77
https://159.223.193.153/
http://152.42.220.57/